في أحد أحياء مدينة الخليل، كان هناك مكان مهجور، ساحة ترابية قاحلة، تملؤها الحجارة الصمّاء والنفايات، يمرّ الناس بجانبها دون أن يلتفتوا… إلى أن قرر مجموعة من الشباب أن يحولوا هذا الفراغ إلى حياة.
هكذا بدأت حكاية “قطاف”.
شباب من خلفيات وقرى مختلفة، اجتمعوا على شغفٍ واحد: البيئة. لم تكن لديهم موارد كثيرة، لكن كان لديهم إيمان قوي أن التغيير ممكن، حتى لو بدأ من حجر صغير. بمبادرة بسيطة، ومع دعم من مؤسسة ملتقى الطلبة، قرروا إعادة تدوير الحجارة المتناثرة في الساحة، وتحويلها إلى أحواض زراعية جميلة. كانت تلك لحظة الانطلاق.
يقول أمين خلاف، أحد مؤسسي المجموعة:
“كنا نريد أن نكسر الصورة النمطية، أن نعيد تعريف علاقتنا بالطبيعة. اشتغلنا على تحويل المكان من مساحة مهجورة إلى ساحة خضراء نزرع فيها الصبّار، مش أي صبّار، صبّار أحمر، بلون الحياة.”
ولم يكن المشروع مجرد تجميل للمكان، بل تحوّل إلى فضاء اجتماعي آمن، فيه ورش عمل، جلسات نقاش، وأحلام تنمو كل يوم.
غالب رجوب، أحد النشطاء، يبتسم وهو يشير إلى زاوية تراثية جديدة أضافوها للساحة، ويقول:
“كنا بدنا نحس إنو إلنا مكان. الساحة اليوم مش بس مزروعة بالنبات، مزروعة بالناس، بالحكايات، بالانتماء.”
الناشطة إيمان أبو رويعي ترى في “قطاف” تجربة أكبر من مجرد مبادرة:
“صرنا نلاحظ تفاعل الناس معنا، صاروا يسألوا كيف ممكن يشاركوا، يزرعوا معنا، أو يتعلموا الزراعة. والمكان صار يجمع الكبير والصغير.”
أما أمين الوحواح، فيعتبر الساحة “بيتًا ثانيًا”، ويقول إنهم وجدوا فيها الأمان الذي لم يجدوه في أماكن كثيرة.
“لما أكون هون، بحس إني بين أهلي. بنزرع، بنخطط، بنرسم، بنحلم.”
وتكمل لميس الدروي الحكاية، فتحدثنا عن زيارات المتاحف البيئية، وتنظيم المسارات الطبيعية، والمبادرات التي أصبحت جزءًا من يومياتهم.
“صرنا نشوف العالم بعين مختلفة… صرنا نفكر بالبيئة مش كشيء خارجي، بل كجزء من هويتنا.”
“قطاف” ليست مجرد مجموعة، بل تجربة إنسانية حيّة. دليل على أن التغيير لا يحتاج إلى موارد ضخمة، بل إلى قلب مؤمن، وأيدٍ تعمل، ومكان يفسح المجال للنمو.
تم انتاج هذه القصة ضمن مشروع شباب في صنع القرار الذي ينفذه ملتقى الطلبة بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية.


