في أزقة مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم، حيث تضيق الحياة تحت وطأة الظروف السياسية والاقتحامات المتكررة، اختارت مجموعة من الشباب أن يكونوا شعلة نور داخل مجتمعهم، حاملين رسالة واضحة: “نحن موجودون، ونحن قادرون على صنع التغيير.”
منذ تأسيسها عام 2015، تسعى مجموعة العمل التطوعي في المخيم إلى تحويل روح التطوع إلى نمط حياة. تأسست استجابة لحاجة حقيقية في المجتمع، وبدأت رحلتها بمجموعة صغيرة من الشباب الذين قرروا أن يجعلوا من وقتهم وأفكارهم رصيدًا لصالح المخيم وأهله.
يقول أنس أبو جودة، منسق المجموعة:
“بدأنا بمجموعة شبابية بسيطة، لكن اليوم صرنا جزءًا مهمًا من حياة الناس هنا. نفذنا تدريبات وورش متنوعة، ورسمنا على الجدران، نظفنا شوارع وأزقة المخيم، وأطلقنا مبادرات لدعم المزارعين والأسواق المحلية.”
من بين أنشطتهم المميزة، نظّمت المجموعة سوقين لدعم المزارعين الفلسطينيين، مما ساعد على تعزيز الاقتصاد المحلي وتشجيع الإنتاج الوطني. كما نفذت أنشطة بيئية وتنظيفية ساهمت في تحسين البيئة العامة داخل المخي
لكن العمل لم يقتصر على تحسين المظهر العام فقط، بل امتد إلى رسم البسمة على وجوه الأطفال. ففي واحدة من أبرز المبادرات، نظّمت المجموعة نشاطًا ترفيهيًا ضمن مبادرة “أيام الفرح”، شملت رحلة ميدانية للأطفال بعيدًا عن ضغط الحياة اليومية، والظروف التي يفرضها الاحتلال.
يقول عبدالله فرج، أحد مشرفي المجموعة:
“أردنا أن نمنح الأطفال يومًا خاليًا من التوتر… أن يفرحوا، يركضوا، ويشعروا أن هناك من يهتم بهم.”
أما الطفل حمزة صراصرة، أحد المشاركين في الرحلة، فقال بابتسامة عريضة:
“فرحت كتير بالرحلة… نسينا شوي الحرب، وضحكنا وتسلّينا.”
في نهاية اليوم، غادر الأطفال موقع النشاط وهم يحملون معهم لحظات من الأمل، وذكريات مليئة بالمرح. أما شباب المجموعة، فكانوا يدركون أن ما فعلوه ليس مجرد نشاط عابر، بل هو استثمار طويل الأمد في روح المخيم وتماسكه.
المخيم بالنسبة لهؤلاء الشباب ليس مجرد مكان، بل لوحة فنية يسعون إلى تلوينها كل يوم بأفعالهم. تنظيف الشوارع، تنظيم المبادرات، دعم الأطفال، كلها خطوات صغيرة ترسم طريقًا طويلًا نحو الأمل والتغيير.
تم انتاج هذه القصة ضمن مشروع شباب في صنع القرار الذي ينفذه ملتقى الطلبة بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية.



